الرؤية السياسية


في النظرة تجاه اسرائيل

شكّلت اسرائيل منذ العام 1948 مصدر قلق للدولة اللبنانيّة وتهديدٍ مباشرٍ تجلّى بالإجتياحات والإعتداءات المتتالية وقد نجحت في بداية الثمانينات في استغلال نقاط ضعف المسيحيين وإيهامهم بتأمين الحماية لهم وسرعان ما انكشفت الحقائق عام 1983 بعد تورّط اسرائيل المباشر بتهجيرهم من الجبل.
وتشكّل اسرائيل نموذجاً للدولة العنصريّة المناقض للتعدّديّة وهي تسعى أن يعمَّم هذا النموذج على سائر الدول المحيطة لتبرير وجودها ضمن منظومة دول طائفيّة صغيرة، تبقى عاجزة عن تهديد أمن اسرائيل، فعناصر هذه المنظومة تصبح ضعيفة وتعتمد استراتيجيّة دفاعيّة من دون أي قدرة هجوميّة بسبب عجزها الإقتصادي وعديد جيوشها المحدود، فتؤمّن بشكلٍ أو بآخر عامل إطمئنان للدولة العبريّة، ولتحقيق هذا المشروع ينبغي على المجتمعات ومكوّنات الأوطان المحيطة باسرائيل أن تكون منقسمة على ذاتها وفي حالة تقاتل ومطالبة مستمرّة بالإنفصال تماماً كما حصل في لبنان أثناء الحرب اللبنانيّة وما يحصل اليوم في سوريا والعراق.
إنّ على اللبنانيين رصّ الصفوف والتنبّه لمخاطر التهديد المزدوج الذي تشكّله اسرائيل على الحدود وكذلك في الداخل بالأخص من خلال دفعها باتجاه توطين الفلسطينيين في لبنان عبر رفضها لمبدأ حق عودتهم إلى الأراضي المحتلّة. كلّ هذا بالإضافة إلى إحتلال اسرائيل لأجزاء كبيرة من الأراضي اللبنانيّة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر تجعل منها عدوّاً ينبغي علينا مواجهته بكلّ الوسائل المتاحة وكذلك توعية الأجيال الصاعدة على مخاطر التطبيع مع هذا الكيان الغاصب.

يعود سلاح المقاومة إلى عام 1982، تاريخ تأسيس حزب الله في لبنان، وكان ناجماً آنذاك عن حاجة لبنانيّة خصوصاً لدى أهل الجنوب اللبناني بعد الإحتلال والإعتداءات الإسرائيليّة حتّى تاريخ اليوم. وشكّل سلاح المقاومة واقعاً قائماً وأساسياً رسّخ معادلة جديدة لا سيّما بعد حرب تمّوز من العام 2006، حين فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهداف حربه المعلنة. على الرغم من الإنقسام الداخلي حيال هذا الموضوع، تبقى الحاجة إلى سلاح المقاومة قائمة للأسباب التالية:
1-    استمرار اسرائيل في إحتلال جزء من الأراضي اللبنانيّة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر.

2-    وجود مخيّمات فلسطينيّة مع فصائل مسلّحة تشكّل خطراً أمنيّاً وديموغرافيّاً بسبب وجود 500.000 لاجئ فلسطيني على الأراضي اللبنانيةّ، فإمكانيّة إختراق هذه الفصائل من جهات خارجيّة تبقى واردة حيث لا تزال أحداث بداية الحرب اللبنانيّة عام 1975 ماثلة في الذاكرة الجماعيّة اللبنانيّة لا سيّما تأثيرها على السلطة السياسيّة في البلد، وبالتالي على الجيش اللبناني بفعل التدخّلات الطائفيّة، وما نتج عن ذلك من تعطيل للقرار المركزي ولدور الجيش الذي لا يستطيع أن يتحرّك أو يبادر من دون أوامر الحكومة اللبنانية.
إنّ معالجة موضوع السلاح وتنظيمه في المؤسّسات الرسميّة هو أمر لا يمانعه أي لبناني حتى حزب الله ومناصريه غير أنّ هذا الأمر يتطلّب استراتيجيّة دفاعيّة يتّفق عليها الجميع، ولكنّنا نرى أنّ تأخّر إنجاز هذه الإستراتيجيّة الدفاعيّة سببه الصراع الإقليمي المستمرّ والذي أصبح سلاح حزب الله جزءاً فاعلاً فيه، فالحلّ الإقليمي يبقى وحده السبيل لمعالجة هذه المواضيع مع الإحتفاظ بحقّنا كلبنانيّين بإسترداد سيادتنا المسلوبة والتي تتعرّض لانتهاكات إسرائيلية يوميّة.
ولنا الحق في إقفال الباب على مشاريع توطين الفلسطينيين واستعمال ورقة النزوح السوري لضرب الإستقرار الداخلي. إنّنا، وكما سائر اللبنانيين، نأمل أن يتسلّم الجيش اللبناني زمام الأمن على كامل ربوع الوطن ولكنّنا في الوقت نفسه ندرك أنّ عقبتين أساسيّتين تحولان دون تسليح الجيش بما يتناسب وطبيعة مهامه الدفاعيّة على الحدود وفي الداخل.
•    العقبة الأولى: عجز الإقتصاد الوطني عن تحمّل إدراج متطلّبات الجيش الحقيقيّة في الموازنات السنويّة.
•    العقبة الثانية: حرص الجهات الداعمة التي تهتم بتسليح الجيش على عدم تخطّي الخطوط الحمراء حيث يصبح أمن اسرائيل معرّضاً للخطر، بمعنى آخر، حرصهم على عدم إعطاء الجيش العتاد اللازم لحماية حدودنا الجنوبيّة، وهذا ما لا يتقبّله أي لبناني حريص على السيادة.